الخابور
بعد أشهر قليلة من تحييد القيادي "أبو ماريا القحطاني" الذي عُرف بأنه الصندوق الأسود في "هيئة تحرير الشام" والرجل الثاني بعد قائدها "أبو محمد الجولاني"، بتهمة العمالة، برز خلاف جديد مع الرأس الاقتصادي في الهيئة والعقل المدبر لاختراق مناطق شمالي حلب والمعروف باسم "أبو أحمد زكور"، وسط سجال كبير عن أسباب الخلاف وإن كان حقيقة أم خطة مدبرة.
و(عمر الشيخ) أو مايعرف بـ "جهاد الشيخ عيسى"، هو ذاته صاحب الاسم الحركي "أبو أحمد زكور"، أحد المؤسسين لتنظيم "جبهة النصرة" وقيادي بارز في "هيئة تحرير الشام"، وأحد أعضاء مجلس الشوري في الهيئة، شغل العديد من المناصب القيادية وتصدر القطاع الاقتصادي لدى الهيئة.
ويسيطر "أبو أحمد زكور" إلى جانب عدة قيادات أساسية من مؤسسي "جبهة النصرة" سابقاً ومتصدري "هيئة تحرير الشام" على القطاع الاقتصادي لـ "هيئة تحرير الشام" ويعتبران من أكبر الموردين للهيئة مالياً، يديرون عشرات المشاريع الكبيرة في الداخل السوري وتركيا، ضمن أسماء عدة، وكانت صدرت بحقه عقوبات تركية أمريكية تتعلق بـ "مكافحة الإرهاب" في يوم الثلاثاء 2/ أيار الفائت.
وطفى على السطح خلال الأشهر القليلة الماضية، خلاف مجهول الأسباب بين "الجولاني وزكور"، والذي دفع الأخير للفرار باتجاه مناطق سيطرة "الجيش الوطني" والاحتماء هناك، نظراً للنفوذ الذي يتمتع به لدى بعض مكونات الوطني، وقربه منهم وعلاقاته القوية مع قياداته، فيما بقي السجال في أروقة الهيئة عن تداعيات الخلاف وأسبابه، وسط شكوك في أن تكون لعبة مدبرة بين الطرفين لإخضاع مناطق شمال حلب.
واليوم الأربعاء 13 كانون الأول/ 2023، وبعد حشود واستنفار في ريف إدلب الشمالي، انتهت بمداهمة مزرعة تتبع للقيادي "زكور" في منطقة رأس الحصن، إضافة لعدة مقرات عسكرية لمجموعات كانت تتبع له سابقاً في بلدتي "باتبو وعقربات"، رغم العلم المسبق لدى الهيئة بأن "زكور" ليس متواجداً في المنطقة.
هذه المداهمة، أخرجت "زكور" الذي نشر سلسلة تغريدات عبر موقع x، قال فيها: "منذ أن أكرمني الله بالخروج من سجن صيدنايا و اللحاق بركب الثورة السورية أعتبر الفصائل والجماعات وسيلة لنصرة الثورة والدين وليست غاية بذاتها وأنني وإن كنت أنتمي لفصيل تنظيميا فإنني عملا و قلبا أنتمي لكل فصيل ثوري مجاهد".
وأضاف: "كما أنني بفضل الله كنت ساعيا لأكون مفتاحا للخير مغلاقا للشر ما استطعت لذلك سبيلا ومن فضله أيضا أنني كنت ضد أي قتال داخلي ضمن فصائل الثورة و خروجي في قتال 2017 خير دليل على ذلك"، واعتبر أنه "لهذه اللحظة لم أتخذ أي خطوة بالخروج أو الانضمام لأي فصيل".
وكانت علمت شبكة "شام" من مصادر داخل "هيئة تحرير الشام"، عن حالة تخبط واضطراب تعيشها قيادة الهيئة بكل مكوناتها، على خلفية استمرار حملات الاعتقال ضمن الجهاز الأمني والكوادر العسكرية وباقي قواطع التشكيل، بتهم العمالة للتحالف الدولي، طالت شخصيات مقربة من رأس الهرم "الجولاني" وقياداته الأمنية الكبيرة، وتجاوز عدد المعتقلين وفق المصادر مئتي شخص.
وبينت مصادر "شام" أن حالة من التخبط وعدم الثقة تعيشها قيادات الهيئة، وسط تغييرات كبيرة تم إجرائها خلال الأشهر الماضية لمواقعهم وتحركاتهم، وقال المصدر: "إن القيادات لاتأمن بعضها" بسبب تخوف كبير من تورط قيادات في الصف الأول بالعمالة للتحالف أو التواصل معه، وبالتالي فإن أي عملية اعتقال تتم يتجنب أي شخص السؤال عن مصيره حتى لايعتبر شريكاً له.
وكانت بدأت قيادة "هيئة تحرير الشام"، بخطوات على مستويات عدة، لتفكيك ماتم وصفها بـ "امبراطورية القحطاني"، القيادي البارز في الهيئة "أبو ماريا القحطاني" لفترة ليست ببعيدة، قبل اعتقاله وإخفاء مصيره، في ظل أنباء "لم تؤكد بعد" عن مصيره وإن كان على قيد الحياة أو أنه جرى إخراجه من المنطقة.
ووفق مصادر "شام" فإن تحركات "الهيئة" تشمل الاستحواذ على "امبراطورية القحطاني" ومصادرة كل أملاكه واستثماراته لصالح قيادها، علاوة عن إقصاء القيادات والتيارات المحسوبة عليه في الهيئة عسكرياً وأمنياً ومدنياً حتى، في إجراء جاء بعد تورطه بـ "العمالة" لأطراف خارجية لم تسمها الهيئة.
ومنذ سنوات عديدة، ووسائل الإعلام الثورية، تتحدث عن استثمارات قيادات الهيئة الكبيرة في الشمال السوري، منهم "القحطاني"، وكثير من الشخصيات المعروفة، والتي لاتزال في موضع القرار في الهيئة ومؤسساتها، تعامت قيادة الهيئة عن حجم الممارسات التي ارتكبها هؤلاء وحجم الثروات التي تم جمعها عبر طرق ووسائل عدة غير مشروعة، منها (التهريب والتجارة والأتاوات والعمالة لجهات عدة) وكثير من المصادر التي بيدهم.
وفي تقرير سابق لـ "شام"، كشفت مصادر داخل "هيئة تحرير الشام"، عن مساعي مستمرة، لطرد جميع الشخصيات القيادية المتورطة بدماء السوريين وحملات البغي والممارسات المختلفة ضمن تشكيلات الهيئة، في سياق المساعي لتعويم صورتها بالشكل الجديد، لتمكين التقارب من الغرب والخروج من التصنيف بالإرهاب.
وقالت المصادر، إن عدد لابأس به من الشخصيات الملوثة أيديها بالدماء، تم إقصاؤها وإبعادها عن مواضع القرار، وتصدير شخصيات وأوجه جديدة، في حين تحدثت المصادر عن خلافات عميقة ضمن بنية الهيئة القيادية، أفضت ايضاَ لإقصاء وإبعاد شخصيات أخرى لرفضها التوجه الجديد لـ "الجولاني" وسياسة التحول الجذري التي يتبعها.
ولم يكن إقصاء "المحيسنى وأبو اليقظان والتلي وأبو شعيب المصري والفرغلي....إلخ" وعشرات الشخصيات القيادية الأخرى من مواقعهم هو الوحيد، حيث تم إبعاد الكثير من الشخصيات من مواقعها، وأخرى تم إقصاؤها بشكل كامل من صفوف الهيئة، لما يشكل وجودها من خطر على المشروع الجديد لـ "الجولاني"، القائم على تغيير كامل في بنية وسياسة الهيئة للوصول للقبول الدولي به.
المصدر : شبكة شام